“أنت الوحيدة التي ستعرفني من عيوني، مرّ عام ونصف، اشتقت لك”، رسالة من عاشق لحبيبته، لم تصلها بالموبايل أو بالبريد الإلكتروني، وربما لم تصلها أبداً.
المرسل: جندي من الجيش الحر، لم يرَ حبيبته منذ عام ونصف.
المرسل إليه: فتاة سورية تنتظر ذلك الشاب في ملجأ أو مدرسة للنازحين، وربما تكون تلك الفتاة فارقت الحياة، وكل الاحتمالات مفتوحة في سوريا.
العنوان: سوريا، الفيسبوك، صفحة “عدسة شاب حر”، وباقي العناوين ضاعت في تفاصيل الموت السوري.
“يعتقد الناس أن الجيش الحر بلا ملامح إنسانية، أردنا أن نظهر للجميع أننا نحمل السلاح ضد النظام السوري لأننا مواطنون سوريون”، هكذا عبّر أدمن صفحة “عدسة جندي حر” لـ”العربية.نت” عن الطريقة التي فكّر فيها مع أخوه عندما قرّرا أن يصوّروا الحدث من تحت النار، ولكن تصوير الحدث من زاوية لم يلتفت إليها أحد منذ بداية تشكيل هذا الجيش، فظل كل أولئك الشباب السوريين وكأنهم بلا ملامح سوى أنهم يحملون السلاح ويموتون ليحيا غيرهم.
يقول (أ) أدمن الصفحة: “المصوّر الذي يلتقط الصور كان ناشطاً سلمياً في بداية الثورة، وهو الآن في واحدة من كتائب ريف دمشق، وحكاية انضمامه للجيش الحر تشبه حكايات الكثيرين، تبدأ بالاعتقال لتنتهي بالانضمام للسلاح بعد ما رآه في معتقله، وبعد أن أصبح مراقباً وحتى أنفاسه محسوبة عليه”.
نشرت صفحة “عدسة جندي حر” صورة لأحد الجنود، يحمل لافتة تقول: “أمي أيضاً ثائرة” وليتم التوقيع باسم جندي حر.
صور توثق للحياة خارج الأمن والأمان، لنقص الحياة في الحياة، ويقول (أ): “أنا مقيم خارج سوريا بعد أن تم اعتقالي بسبب نشاطي السلمي في دمشق، ولم أجد طريقاً أمامي إلا أن أسافر، ورغم أني وأخي اتخذنا طريقين مختلفين بعد الاعتقال إلا أننا شكّلنا فريقاً واحداً لنوصل كلمتنا للعالم، “نحن نحب ونحزن ونرى الطبيعة أيضاً”.
إن كان عناصر الجيش الحر يتنفسون رائحة الموت فإنهم يجدون متنفساً لالتقاط صورة لقبر صديقه، وليرسلها إلى أم الصديق، على أمل أن تطمئن تلك الأم إلى أن ابنها دفن، بعد أن صار الدفن رفاهية غير متاحة دائماً في سوريا