نصف ساعه قضوها بين القبور فاْنظر ماذا وجدوا فى قبر شخص عاصى





 



بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله جل جلاله فى كتابه عن حال الناس بعد البعث : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ. فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة يس (51 : 54)من هذه الآيات يتضح لنا أن هؤلاء الناس سيقومون من (مرقدهم) قبورهم و لم يكونوا يعلمون أى شئ عن تلك الفتره (البرزخ) التى قضوها بين المحيا و الممات و عندها سيدركون أن كلام الله و رسله صحيح فلو أنهم رأوا العذاب فى قبورهم لأدركوا بكلام المرسلين و لكان بعثهم لإستكمال العذاب و قولهم من بعثنا من (مرقدنا) يبين و يوضح أنهم كانوا فى رقود و برزخ (فتره) إلى يوم يبعثونو أما عن الشهداء فهم ليسوا أموات بل أحياء عند ربهم يرزقزن و هم من المصدقين بكلام الله و كلام رسله و نجد فى قول الله تعالى عن ما يصفون {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض (إلا من شاء الله) ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} يدل على أن النفخة الأولى و هى بعد خروج يأجوج و مأجوج سيكون فيها أشخاص مستثناه من الصاعقه و قد يكون الشهداء منهم لأنهم ماتوا موتتهم الأولى فى الدنيا و أحياهم الله و عجل لهم طيباتهم (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فالصاعقه الأولى صاعقة الموت ستنال من فى السموات و من فى الأرض من الأحياء إلا من يشاء الله وقد يكون بينهم الشهداء لأنهم ماتوا موتتهم

كما أن الله تعالى قال أن الملائكه لا يراها أحد إلا يوم القيامه و ذكر أن هذا اليوم يومئذٍ حال أصحاب الجنه و حال أصحاب النار ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) "سورة الفرقان"
أما جميع الأحاديث التى تقول بوجود عذاب قبر و أنه أشبه بالمسيح الدجال فكذب و حكاية المسيح الدجال خدعه و سنذكر فى موضوع مستقل كذب الروايات و أنها خدعه 

و هى أحاديث كاذبه و الله أعلم

و أما الآيات التى يحتج بها الناس على وجود عذاب القبر فهى ليس لها علاقه بعذاب القبر و الدليل على ذلك:

أولاً: قول الله تعالى: ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) "سورة الفرقان" 

من هذه الآيات يتضح لنا أنه لن يرى أحد الملائكه إلا يوم القيامه و هو اليوم الذى سيكون فيه أصحاب الجنه فى خير جزاء و لا بشرى للمجرمين و لا يمكن أن يكون هذا اليوم الذى قيل فيه أنه يومئذٍ إلا يوم واحد و هو يوم الحساب

*و أما قول الله تعالى(قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) سورة السجده
فهو إخبار من الله تعالى بمن يقوم بنزع الروح و لا يشترط رؤيته و لكنه للإخبار مثل قوله تعالى 
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) سورة الشعراء 
و كقوله (قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) سورة البقره 
و أيضاً قول الله(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ‏) سورة النحل 
وهنا جميع الآيات من الإخبار بالغيبيات لكن لا يشترط فيها الرؤيه للملك لأنها لن تكون إلا يوم القيامه و لا يرى الملائكه إلا نبى مرسل أو شيطان(قال إنى أرى ما لا ترون) 

ثانياً: فى قول الله (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) سورة المؤمنون

فى هذه الآيات يقول الله جل جلاله حتى إذا جاء أحدهم الموت و ليس ملك الموت و لكن المقصود به الموت نفسه و سكراته (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)سورة ق"" فالموت يعانى صاحبه من سكراته و هى شديده على كل إنسان و يكون أشبه بمن قال الله فيهم (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) سورة العنكبوت "" و هذا هو حال الإنسان إذا مسه الضر أو شعر بالمرض أو الخطر و ظن أنه ميت فلا يدعوا إلا الله فإذا نجاه عاد لشركه و لكن إذا جاء الموت فلا راد لقضاء الله و الموت واقع لا محاله و من بعده برزخ أو غطاء (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ)سورة ق"" و هو الفتره التى قضاها الله بتقديره حتى النفخ فى الصور

ثالثاً: قول الله ( َلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ) سورة الأنفال 

الجميع يعلم بأن عذاب الحريق لن يكون إلا بعد قيام الساعه و توفى الملائكه لهم هو بعد النفخ فى الصور و إخراجهم من قبورهم و هو ليس إستيفاء الموت و إنما كقول الله تعالى لعيسى بن مريم (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) "سورة آل عمران" وهو إستردداه و رفعه إليه لأنهم ما صلبوه و ما قتلوه و ما وجدوه فالتوفى هنا ليس بمعنى الموت الذى هو قبض الروح و إلا كانوا وجدوا جثته بعد رفع روحه بل إسترداده إليه و رفعه إلى السماء بجسده و نفسه و روحه كامل
>>> و يقال توفى الشئ إستيفاءاً إذا أخذه تاماً أو إستكمله و يكون ما عندك من أمانه واجبة الوفاء و يجب أن توفيها لأهلها و توفى المده أى يتمها أو يبلغها و توفيت منه مالى أى أخذته و لم يبق عليه شئ و توفى العمل إستكمله 
و قوله تعالى(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ) و قوله ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)"سورة الزمر" 
***يجب التفريق هنا قبل الحديث بين شيئين و هما الأولى :الروح: و هى مصدر الحياه و بدونها لا يستطيع الإنسان لا التنفس و لا الوجود و الحركه و لا فعل أى شئ و يكون ميت و أما الثانيه فهى النفس : و النفس هى شخصك و فعلك و الفعل يتضح أيضاً فى قول الله ( مَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) أى من فعلك و شخصك و بما كسبت يداك و نفسك قد سواها الله و ألهمها الفجور و التقوى و هداك السبيل إما شاكراً و إما كفوراً و النفس إما مطمئنه بفعل و لفعل الخير و إما لوامه على ما تفعله و إما أمارة بالسؤ و فعله 

والتوفى هنا جاء تارةً مع الموت و تارةً مع النوم و النائم ليس ميت و روحه موجوده بجسده لكن التوفى مطلق على الفعلين و هو يكون هنا إستيفاء الأنفس عن الفعل و نفسك هو فعلك و هو المشترك بين النائم و الميت فالنائم روحه لاتزال موجوده و الدليل أنه يتنفس و إذا أيقظته إستيقظ لكنه متوقف عن الأفعال سواء خير أو شر و كذلك الميت و يكون توفى الأنفس هو إدخالك فى حالة السكون و سلبك أفعالك #و قال ابن عيسى فى تفسيرها #يقبضها عن التصرف مع بقاء أرواحها في أجسادها " فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى " وهي النائمة فيطلقها بالتصرف إلى أجل موتها#

رابعاً: قول الله: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) "سورة الأنعام"
هذه الآيه تشرح مشهد من مشاهد يوم القيامه فيقول الله تعالى لو تشاهد الظالمون و هم فى غمرات الموت أى أغطية الموت و شبه الموت بالغطاء لأنه يحجب عن صاحبه مايحدث و الغمره هى الغطاء و غمر الماء الوادى أى غطاه و الدليل قول الله فى سوره ق (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ >>غِطَاءَكَ<< فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) و كشف الغطاء هو رفع الموت الذى غمر الشخص إلى يوم البعث فهم فى غطاءات الموت فبسطت الملائكه أيديها بعد أن أمر الله بذلك و نُفخ فى الصور و قالت أخرجوا بأنفسكم إلى يومكم الموعود و المعلوم أن الروح غير النفس و الروح يخرجها الملك الموكل بها و ليس الشخص و هنا تقول لهم الملائكه أخرجوا بأنفسكم و شخصكم و يسوقوهم إلى ربهم و يقولون لهم اليوم ستحاسبون و تعذبون أشد العذاب لإفترائكم على الله و تكذيبكم له و إستكباركم و سبق و أن ذكرنا فى الآيه السابقه أنهم يضربون وجوهم و أدبارهم و هم يسوقونهم لجهنم لعذاب الحريق 

خامساً: قول الله(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) "سورة السجده"
قال بعض من فسر الآيات أن العذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامه و أن العذاب الأدنى جزء منه فى الدنيا و جزء فى القبر و هذا كلام خطأ 
فلا يوجد عذاب قبر و العذاب الأدنى لعلهم يرجعون عن ما يفعلون فكيف يرجعون غنه بعد موتهم و قد إنقطعوا عن الحياه؟؟؟ 

سادساً: قول الله ( وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) "سورة غافر"
ما حاق بآل فرعون هو أن أهلكم الله و أغرقهم فى اليم و قوله النار يعرضون عليها فالعرض ليس فيه عذاب و لكن العذاب كما ذكرت الآيات يوم تقوم الساعه يدخلون أشد العذاب 
و هم الذين يعرضون على النار و ليست النار التى تعرض عليهم فلو عرضت عليهم النار لعاينوها و علموا أنهم مواقعوها أما نوع العرض غير مذكور إلا أن الآيات توضح أن العذاب يوم القيامه لكن عرضهم على النار لا يعنى معرفتهم بها بل معرفة النار بأهلها و فى قوله ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ) فجهنم تتكلم و هنا تبصر و ترى أهلها أما نوع عرضهم عليها فقد أعرض عليك زواج فتاه و أجعلك تراها من بعيد لكنها هى لا تعلم و قد أعرض عليك شراء أرض أو ملبس و تراه و أعرضه عليك و أنواع العرض كثيره جداً و لا تعنى أن المعروض يعلم بعرضه غير أن جهنم فى السماء و ليست فى القبر أو الأرض. 

و الله أعلم









Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...